أصل الوجود تأملات في الكينونة
عندما نحاول فهم وجودنا، نجد أنفسنا أحيانًا عالقين بين عالم الفكر والوهم، حيث يبدو أن كل من ديكارت والقائل "أنا أفكر إذن أنا موجود" قد أوجد براهين تثبت وجوده من خلال الفكر، لكن هل الفكر هو أصل الوجود؟ أم أن هناك شيئًا أعمق؟
الوجود بالنسبة لنا يبدو كأنه وهم، خاصة عندما نجد أنفسنا مشوشين بين ما نفكر فيه وما نرغب في تحقيقه. نحن نعيش في زمن يتسم بتقلبات شديدة في المشاعر والانطباعات، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كنا نعيش حقيقةً أم أننا محاصرون في دائرة الوهم.
إذا اعتبرنا أن الإنسان ليس لديه تحكم كامل في جسده وأن هناك ذاتًا عليا تتحكم في كل شيء، فهذا يشير إلى أن الوجود ربما لا يمكن تحديده بشكل دقيق إلا من خلال ما هو غير ملموس، وهو الله. هنا نصل إلى استنتاج مفاده أن العقل والقلب ليسا الأصل للوجود، بل هما مجرد أدوات ضمن نظام أعمق.
لنأخذ مثال الدراجة النارية التي تتطلب محركًا وأسلاكًا وبنزينًا لتعمل، ويجب أن ننتبه إلى أن الصانع هو من يوفر هذه العناصر. بشكل مشابه، يمكن اعتبار الإنسان ككائن يملك صانعًا أو خالقًا يتحكم في برنامجه وصلاحيته. لكن هل يمكن للعقل وحده أن يثبت وجود الإنسان؟ عندما ننام، تصبح عقولنا غير فعالة، وقد نختبر أحلامًا تفقدنا السيطرة على أجسادنا. هذا يشير إلى أن الأحاسيس المرتبطة بالقلب تلعب دورًا كبيرًا في إثبات وجودنا.
لكن إذا اعتبرنا الإنسان مجرد لعبة تتحكم بها عوامل خارجية، حيث يلعب الله دور المتحكم في اللعبة، فإن الإنسان لا يكون سوى جزء من هذه اللعبة الواسعة. الأفعال التي نقوم بها قد تكون موجهة نحو الخير، ولكن الظروف والمثيرات الخارجية قد تقودنا إلى الشر. وهذا يعكس الطريقة التي نرى بها الوجود كعملية متشابكة بين الحتمية والاختيار.
إذا نظرنا إلى الفلسفة القديمة، نجد أن الفلاسفة مثل طاليس اعتبروا الماء والهواء أصلين للوجود. إذا اعتبرنا أن الإنسان يعتمد على الماء والهواء للبقاء، فهذا يشير إلى أن هذه العناصر الأساسية يمكن أن تكون جزءًا من أصل وجود الإنسان.
في النهاية، كما أن الوجود يبدو غامضًا وغير واضح، فإن أصله أيضًا قد يكون غير واضح بالنظر إلى وضوحه المبهم. ولن يستطيع أي كائن تحديد أصله بدقة، حيث أن هذا الأصل يعود إلى مالكه الذي هو الله، الذي يتحكم في كل شيء في الكون.
ليست هناك تعليقات