الظلم والمظلوم صراع الأخلاق والقيم في زمن غياب العدالة
في الليالي الهادئة، يسيطر عليّ هاجس الكتابة، وغالبًا ما يدفعني لتأمل موضوع الظلم، وهو موضوع يتكرر كثيرًا في الحياة من حولنا. من المؤلم أن نشهد الظلم يحدث أمامنا، سواء كنا مثقفين أو واعين أو نعيش بحرية، لكن دون أن نتمكن من التدخل. فالظالم يستحق العقاب، والمظلوم أمامه خياران: إما الصبر على ألمه أو استعادة حقه. ولكن الطريقة التي يختار بها استرجاع حقه تختلف؛ فقد يلجأ إلى القانون والعدل، أو قد يستسلم لإغراء الانتقام. وهنا تكمن الخطورة، فعندما يُقدم المظلوم على الانتقام، تصبح النتيجة كارثية، وتندلع حرب بينه وبين الظالم.
الظلم سهل جدًا، لكن العواقب التي يخلفها على المظلوم هي التي تؤدي إلى تفاقم المشاكل للطرفين. فالظالم، برغم قوته الظاهرة، يبقى دائمًا في صراع مع نفسه، في حين أن المظلوم، ورغم معاناته، قد يجد في الظلم دروسًا تساعده على المواجهة. في مجتمع يغيب فيه العدل والإنصاف، يبدو أن الظالم هو الفائز دائمًا. ولكن في وجود هاتين القيمتين، ينقلب الوضع لصالح المظلوم، حيث يظهر الحق ويندحر الباطل.
الظلم هو مسألة خبيثة، تجعل الظالم يعيش في عزلة رغم قوته، وقد يجد في ممارسته نوعًا من المتعة المريضة. أما المظلوم، فهو في حالة من الصراع الداخلي، إما أن يستفيد من تجربته ويواجه ظالمه بشجاعة، أو يستسلم وينحني أمام القوة الغاشمة. لكن المظلوم الذي يعرف حقه ويؤمن بالعدالة لن يتوانى عن المطالبة به، وسيخضع الظالم في النهاية لحكم الحق.
ومع ذلك، نحن نعيش في زمن انتشر فيه الظلم بشكل كبير، وتراجعت فيه قيم العدل والإنصاف. الظلم أصبح وسيلة للسيطرة، والعنف أصبح لغة الحوار، والقوة هي ما يسيطر على الضعفاء. في مثل هذا المجتمع، يصبح دور المثقفين والمفكرين أكثر أهمية، حيث يجب عليهم الدفاع عن الحق والعدل، وإظهار الحقائق وكشف زيف الظلم.
لكنني أسأل: أين ذهب الضمير؟ أين الأخلاق؟ هل لا يكفي الظالمون ما لديهم من سلطة ومكانة؟ هل يجب عليهم أيضًا أن يزرعوا في نفوس الناس قنابل الكراهية والفساد؟ ألا يخشون الله الذي يراقب كل شيء؟ نحن نعلم أن هناك قلة من العادلين أصحاب الأخلاق الرفيعة، ولكن وجودهم يوشك على الانعدام إذا لم يتحركوا وينشروا العدوى الطيبة بين الناس.
الظلم سهل، لكن مواجهة المظلوم أصعب. لذا، يجب على كل مظلوم أن يتحلى بالشجاعة والأخلاق، وأن يواجه الظالم بما يملك من قيم نبيلة. الأخلاق هي السلاح الأقوى، وهي التي ستعلم الظالم دروسًا قاسية. وعندما تحفظ أخلاقك، قم بنشرها في مجتمعك، وساعد كل مظلوم على استعادة حقه.
الشباب هم الأمل والسلاح الأقوى في مواجهة الظلم، ولكن للأسف، عقولهم الآن مليئة بأفكار خيالية فارغة من الهدف. التكنولوجيا والاختراعات الأجنبية قد سيطرت على تفكيرهم، وجعلتهم ينسون من هم وماذا يمكنهم أن يفعلوا. فلماذا نسمح للظالمين بالسيطرة على أفضل أمة على وجه الأرض؟
ورغم ذلك، لا يمكنني إنكار وجود شباب مبدعين ومحاربين للظلم في كل مكان. أنتم نخبة المجتمع، إن صلحتم صلح المجتمع بأسره، وإن خيبتم الأمل في أنفسكم، فإن المجتمع بأكمله سيفسد، وسيظل الظالم مسيطرًا على المظلوم، حتى تتحول الحياة إلى ظلام وسواد، ولن يبقى سوى الرماد، لأن النهاية ستكون مؤلمة للجميع.
"لِ الظالم جزاءه و لِ المظلوم حقه"
"مصداقية الشباب تشعل أنوار المجتمع"
"الشباب ضياء الحق في ظلم المجتمع"
يوسف الحب
تعليقاتكم تهمني
ردحذف