أخبار عاجلة

تقابل العقلية بين الإنسان البدائي والإنسان الحالي


قد يبدو من المفارقات الغريبة أن نجد تشابهاً بين عقلية الإنسان البدائي وعقلية الإنسان الحديث. رغم آلاف السنين التي تفصل بينهما، لا يزال هناك تقابل بينهما في جوانب معينة. هذا التقابل يدفعني إلى التفكير في طبيعة الإنسان وتطوره عبر الزمن، وفي دور الثقافة والبيئة في تشكيل العقلية البشرية.

العقلية البدائية مقابل العقلية الحديثة

الإنسان البدائي، رغم بساطة حياته، كان محاصراً بقيود صارمة؛ اختلافات لغوية، دينية، وثقافية حالت دون تجاوزه لتلك القيود. كان يعيش في عالم ضيق، محدود الأفق، لا يرى فيه إلا ما تتيحه له بيئته المباشرة. أما الإنسان الحديث، فقد تمكن من تحطيم هذه القيود. بفضل العلم والتكنولوجيا، أصبح قادراً على تجاوز الحدود، وفتح آفاق جديدة أمامه، ولكنه أيضاً قد يُظهر ملامح مشابهة للبدائية في سلوكه حين يغلب عليه الاستهلاك دون إنتاج.

الرقعة الجغرافية والثقافية: الأم الرؤوم

الثقافة والجغرافيا هما العاملان الرئيسيان اللذان يشكلان طبيعة الإنسان. الدولة، تماماً كالأم، هي التي ترعى أبنائها، تحميهم، تعلمهم، وتساعدهم على تحقيق أحلامهم. لكن عندما تكون الدولة غائبة، كما لو كانت أم مريضة أو ميتة، فإن أبنائها يتشردون. يعيشون في وهم بعيد عن التطور، ويغرقون في حروب لا تنتهي، مع انتشار الكراهية والظلم. في غياب الدولة، تتراجع الأخلاق، وتنهار الثقافة، ويغيب العلم، فلا يبقى للأجيال القادمة شيء يعتمدون عليه.

إحباط الشباب ورغبتهم في التغيير

أمي، أعلم أنكِ قد عانيتِ كثيراً. كنتِ الحضن الذي احتضنني، ولكن حبكِ وحده لا يكفي لاستمرارنا. أرى العالم من حولي يتقدم بخطى سريعة، يبتكر ويبدع، بينما أنا، ابنكِ، مشرد في أحضانك، أستهلك ما يقدمه الآخرون دون أن أساهم في الإنتاج. لكن أمي، أنا الشباب، لا أفقد الأمل. رغم الصعوبات، أنا مصمم على أن أكون جزءاً من هذا العالم المتقدم.

دعوة للنهوض والإصلاح

أمي، حان الوقت للنهوض. أعلم أنكِ مريضة، لكن لكل داء دواء. أنا، ابنكِ الشاب، سأكون طبيبكِ. سأرفع من شأنكِ، وأعيد لكِ مكانتكِ بين الأمم. لدينا المعرفة، الثقافة، والأخلاق، وكل ما نحتاجه للنهوض. أمي، نحن نملك ثروات وخيرات لا تنفذ، ما عليكِ سوى أن تستفيقي، وتؤمني بقدرتنا على التغيير.

أهمية اللغة والثقافة في هويتنا

أمي، لغتنا العربية هي أحد أكبر كنوزنا. هي لغة القرآن، لغة أهل الجنة، وهي جوهر هويتنا. لغتنا ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي تعبير عن ثقافتنا، عن تراثنا الغني، عن تاريخنا. بحفاظنا على لغتنا، نحن نحافظ على أنفسنا، على هويتنا، وعلى مكانتنا بين الأمم.

أمي، أشعر أنكِ تتحسنين. أرى عينيكِ تفتحان على العالم من جديد. أنا، ابنكِ الشاب، هنا بجانبكِ، وسأظل سندكِ ورفيقكِ في كل خطوة نحو الشفاء. سأبذل كل ما بوسعي ليرفع العالم قبعته احتراماً لكِ. حليبكِ يكفينا للبقاء، ولا نحتاج لاستيراده من الخارج. لدينا كل ما نحتاجه لتحقيق أحلامنا. أمي، أنا الشباب، مستعد لرفع راية ثقافتنا، أخلاقنا، ولغتنا عالياً بين الأمم.

 لذا أقول : 
   "  كن ابنا صالحا لأمك تفتخر بك وتسعدها وتسعد العالم ، لأن سعادة العالم تكمن في سعادة أمك "

 فداك يا وطني  

   يوسف الحب

هناك 4 تعليقات: